منتديات الأجيال التعليمية


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات الأجيال التعليمية
منتديات الأجيال التعليمية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

هل الإنسان مخير أم مسير ؟

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

هل الإنسان مخير أم مسير ؟ Empty هل الإنسان مخير أم مسير ؟

مُساهمة من طرف owagdy2010 الإثنين 12 ديسمبر 2011, 11:43 pm

كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يكره المراء في الدين ، والجدال بين
المسلمين ، خاصة في المسائل العويصة التي تضيع الوقت ، وتبدد الجهد ،
وتفرق الجمع ، ولا يتسنى للعقل البشري أن يقول فيها القول الفصل ، والرأي
الذي لا ينقضه رأي ؛ لأنها فوق مستواه ، وأعلى من مداه.
ومن هذه المسائل القدر، أو الإنسان مخير أم مسير ، مجبر أو مختار؟
وقد جاءت أحاديثه الشريفة تبين ذلك :
• عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : خرج رسول الله صلى الله
عليه وسلم على أصحابه ذات يوم ، وهم يتراجعون في القدر ، فخرج مغضبا حتى
وقف عليهم فقال : " ياقوم بهذا ضلت الأمم قبلكم ، باختلافهم على أنبيائهم ،
وضربهم الكتاب بعضه ببعض، وإن القرآن لم ينزل لتضربوا بعضه ببعض، ولكن نزل
القرآن فصدق بعضه بعضا ، ما عرفتم منه ، فاعملوا به ، وما تشابه فآمنوا به
" رواه الإمام أحمد.
• وعن أبي هريرة قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم
ونحن نتنازع في القدر فغضب حتى احمر وجهه ، حتى كأنما فقئ في وجنتيه
الرمان، فقال : " أبهذا أمرتم ؟ أم بهذا أرسلت إليكم ؟ إنما هلك من كان
قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر ، عزمت عليكم ألا تنازعوا فيه" رواه
الترمذي.
• وقال عليه الصلاة والسلام : " ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا
أوتوا الجدل. ثم قرأ:"ما ضربوه لك إلا جدلا، بل هم قوم خصمون" رواه
الترمذي.
هكذا كانت توجيهاته صلى الله عليه وسلم ؛ لأن هذه المسألة من
المسائل التي تحير العقول ، وقد تحيرت العقول فعلا ، فتعددت فيها المذاهب،
وتباينت فيها الآراء ، وهي في جملتها تكاد ترجع إلى رأيين :

أولا ـ رأي الجبريين :

وهم يرون أن الإنسان مجبر في أفعاله ، لا إرادة له ولا اختيار ،
ولا قدرة ، إنه أشبه بالريشة المعلقة في الهواء ، تحركها الرياح كيف تشاء .
واستدلوا على رأيهم بالعقل قالوا : لو كان للإنسان قدرة واختيار في خلق أفعاله ، لكان شريكا لله في الخلق ، وهذا مستحيل.
واستعانوا ببعض الآيات القرآنية مثل قوله تعالى : { ذالكم الله
ربكم لا إله إلا هو خالق كل شئ فاعبدوه وهو على كل شئ وكيل (102) } [
الأنعام].
وقوله سبحانه:{من يشإ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم(39)} [ الأنعام].

ثانيا ـ رأي الاختيارين :

وهم يرون أن الإنسان مختار في أفعاله الاختيارية بخلاف الاضطرارية
التي لا دخل له فيها ، وله القدرة على تنفيذ ما اختاره وأراده .
واستدلوا على رأيهم بالعقل فقالوا : لو لم يكن العبد مختارا ، وله
قدرة على الفعل والترك ، لكان تكليفه بالشرع عبثا من الله ، والله منزه عن
العبث، ولما استحق الإنسان المدح أو الذم على أفعاله ، والثواب أو العقاب
عليها .
واستعانوا ببعض الآيات القرآنية مثل قوله تعالى : { فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } [ الكهف/29].
وقوله تعالى : { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره (7) ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره (Cool } [الزلزلة].
وعرض المشكلة بهذه الصورة لا يمكن أن يوصل إلى الرأي الذي يطمئن إليه القلب ، ويقنع به العقل.

وتأمل ما يقوله الدكتور/ عبد الحليم محمود رحمه الله :
" لقد شغلت مسألة القدر ، أو الجبر والاختيار ، أو أفعال العباد
عقول الإنسانية منذ أن كان الدين ، أي منذ ابتداء تاريخ الإنسان على ظهر
الكرة الأرضية.
وإذا أثيرت مسألة القدر في أي وسط كان ـ مهما كان قليل العدد ـ
فإنها تقسمه إلى قسمين : يقول أحدهما بالجبر ، والآخر يقول بالاختيار.
لقد آثارها اليهود في دينهم ، ففرقت بينهم ، وقال بعضهم بالجبر ، وقال الآخرون بالاختيار.
وأثيرت في الديانة النصرانية على مجرى التاريخ ، فكان النزاع ،
وكان الجدل ، وكان التحيز لرأي والتعصب له ، وانقسم رجال المسيحية إلى
فريقين يختصمان.
وأراد رسول الله ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ أن يتلاقى انشقاق
الأمة بسبب إثارة هذه المشكلة ، فكان ينهى دائما عن إثارتها ، وعن الجدال
فيها.
ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم راضيا مرضيا ، وهو لا يسمح حتى النفس الأخير من حياته الشريفة بأن تثار هذه المسألة .
ولم تثر هذه المسألة في عهد سيدنا أبي بكر لانشغال المسلمين بتوطيد
دعائم الأمة الإسلامية منصرفين بذلك عن العبث في دين اله .
وكانت درة سيدنا عمر كفيلة برد كل من تحدثه نفسه بإثارة هذه المشكلة إلى جادة الصواب.
ومسألة القدر إذن من المتشابه ، إنها من أهم مسائل المتشابه.
وهي فضلا عن ذلك عصية على الحل ، إنها ليست قابلة للحل، وهي ليست
قابلة للحل سواء أثيرت في الشرق أو الغرب ، وسواء أثيرت في القديم أو
الحديث ، أو أثيرت في البادية أو في الحضر ، إنها مفرقة بين الباحثين فيها،
ومهما طال الجدل ، فسوف لا ينتهون إلى نتيجة ، ومن أجل ذلك كانت الروح
الإسلامية العامة تحرم الخوض فيها .
ومع ذلك فقد بدأت هذه المشكلة تتسلل شيئا فشيئا إلى المجتمع
الإسلامي، حتى لقد احتلت يوما ما مركز الصدارة في الفكر الإسلامي النظري.
ولقد مهدت السياسة أولا لهذا التسلل ، وكانت السياسة أول عامل من
عوامل إفساد التفكير النظري الديني في المجتمع الإسلامي السليم ".

هكذا وضح لنا أن هذه المسألة من الناحية العقلية :
• عصية على الحل
• مضيعة للوقت
• مبددة للجهد
• مفرقة للجمع
ما الآيات القرآنية فيجب أن تفهم على ضوء أن الإنسان يحيا بين جبر
واختيار وأن الخالق قد منحه إرادة بها كان التكليف ، وعليها يكون الجزاء،
ولا يعني أن الله يعين الإنسان على اختياره عدم مسئوليته عما يفعل.
ويحدث الخطأ في فهم الآيات القرآنية عندما تؤخذ آية ، وتغفل أخرى ،
أو يستدل بجزء من آية ، ولا يلتفت إلى باقيها ، ومن المعلوم أن القرآن
يفسر بعضه بعضا .
فإذا أردنا أن نفهم مثلا قوله تعالى : { من يضلل الله فما له من
هاد(36)ومن يهد الله فما له من مضل } [الزمر/36ـ37] . فلابد أن يكون فهمنا
لهذه الآية في ضوء الآيات الأخرى .
فنفهم قوله تعالى : { من يضلل الله فما له من هاد } في ضوء قوله تعالى :
• { ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء (27)} [ابراهيم]
• { كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب(34)} [غافر]
• { كذلك يضل الله الكافرين (74)} [غافر]
ونفهم قوله تعالى : { ومن يهد الله فما له من مضل } في ضوء قوله تعالى :
• { والذين اهتدوا زادهم هدى وءاتاهم تقواهم (17)} [محمد]
• { إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم } [يونس/9].
وإذا أردنا أن نفهم قوله تعالى :{ فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره
للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء}
[الأنعام/125] فعلينا أن نتنبه إلى نهاية هذه الآية ، وهي قوله تعالى :
{كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون (125)} فعدم إيمانهم ، ورفضهم
الإسلام باختيارهم ، كان السبب في جعل الرجس عليهم ، فكان الضيق والحرج في
الصدور نتيجة لذلك.
بهذا القدر يجب أن تبحث مسألة الجبر والاختيار ، أو الإنسان مخير
أم مسير، ولا داعي للتنطع ، والتقعر طالما أن هذه المسألة عصية على الحل
العقلي المجرد .
ولذلك لما جاء رجل إلى سيدنا على بن أبي طالب يقول : يا أمير
المؤمنين أخبرني عن القدر . قال : طريق دقيق. لا تمش فيه . قال : يا أمير
المؤمنين ، أخبرني عن القدر. قال : بحر عميق . لا تخض فيه . قال : يا أمير
المؤمنين ، أخبرني عن القدر. قال : سر خفى لله لا تفشه . ويقول الإمام علي
رضى الله عنه : " إن الله أمر تخييرا ، ونهى تحذيرا، وكلف تيسيرا، ولم يعص
مغلوبا، ولم يرسل الرسل إلى خلقه عبثا ، ولم يخلق السموات والأرض باطلا ،
ذلك ظن الذين كفروا ، فويل للذين كفروا من النار" .
وقال الإمام أبو حنيفة عن القدر : " هذه مسألة قد استعصت على الناس، فأنى يطيقونها . هذه مسألة مقفلة ، قد ضل مفتاحها " .
ويقول الإمام جعفر الصادق رحمه الله : "إن الله تعالى أراد بنا
شيئا ، وأراد منا شيئا ، فما أراده بنا طواه عنا ، وما أراده منا أظهره لنا
، فما بالنا نشتغل بما أراده بنا عما أراده منا " .
ويقول:" الناظر في القدر كالناظر في عين الشمس ، كلما ازداد نظرا ازداد حيرة " .
وعن وهب بن منبه أنه قال :" نظرت في القدر فتحيرت، ثم نظرت فيه
فتحيرت، ووجدت أعلم الناس بالقدر أكفهم عنه، وأجهل الناس بالقدر أنطقهم
به".
ونختم هذا البحث بحديث لسيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول فيه :
" إذا ذكر القدر فأمسكوا " رواه الطبراني ، ورمز له السيوطي بالحسن .
هذا التوجيه النبوي الشريف هو الفصل ـ فيما نرى ـ في مسألة (الإنسان مخير أم مسير ) والله أعلم .

owagdy2010
عضو جديد
عضو جديد

عدد المساهمات : 18
نقاط : 49
تاريخ التسجيل : 11/11/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

هل الإنسان مخير أم مسير ؟ Empty رد: هل الإنسان مخير أم مسير ؟

مُساهمة من طرف حنين الصمت الثلاثاء 13 ديسمبر 2011, 7:10 am

بارك الله فيك
حنين الصمت
حنين الصمت
مدير عام المنتدى

انثى عدد المساهمات : 5102
نقاط : 29201
تاريخ التسجيل : 08/09/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى